بعد ليلة ساخنة من الاشتباكات العنيفة بين مجموعات تابعة لـ”هيئة تحرير الشام” ومجموعات تنتمي للقيادي المنشق عنها جهاد عيسى الشيخ المعروف بـ”أبو أحمد زكور” على أطراف مدينة أعزاز شمالي حلب، انتهت باعتقال زكور وإصابة شقيقه، كما قتل وأصيب عدد من العناصر من الطرفين.
وقالت مصادر ميدانية لوكالة سنا، إن قوات خاصة تركية بالتعاون مع الشرطة العسكرية تدخلت وقطعت الطريق على رتل الهيئة على حاجز كفرجنة بريف عفرين أثناء اقتياد زكور لمعقل “تحرير الشام” بإدلب، وأنزلت “أبو أحمد زكور”، وتم نقله إلى معبر “حوار كلس” العسكري على الحدود التركية شمالي مدينة أعزاز.
وأضافت المصادر أن أرتالاً تابعة لعشائر البكارة في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون توجهت إلى مدينة أعزاز لمناصرة مجموعات زكور، في حين دخلت دبابات تابعة للجيش التركي إلى المدينة لوقف الاشتباكات.
وعلى خلفية هذه الأحداث في أعزاز، اعتقلت “هيئة تحرير الشام” شيخ قبيلة البكارة في الشمال السوري يوسف عربش مع 22 شخصاً من أبناء قبيلته، من مكان مضافته بريف إدلب مساء أمس.
وكان نشطاء قد تداولوا صوراً ومقاطع فيديو تظهر استنفاراً وتحركاً لدبابات وعربات مصفحة للقوات التركية في مدينة أعزاز على خلفية الاشتباكات التي شهدتها أطراف المدينة بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين مجموعات تتبع لـ “هيئة تحرير الشام”، وقوات منشقة عنها بقيادة القيادي “أبو أحمد زكور” الذي فر قبل أسابيع لمنطقة أعزاز قبل ظهور الخلاف علانية بينه وبين الهيئة.
زكور يفضح المستور
لم يبيّت القيادي المنشق عن “هيئة تحرير الشام” ما قامت به الهيئة ضده أمس، ليقوم على الفور بفضح ممارسات “هيئة تحرير الشام” على مدار السنوات الماضية، متهماً إياها بضلوع قائدها “أبو محمد الجولاني” و”أبو أحمد حدود” و”أبو فراس السوري” بتفجيرات تعرضت لها مناطق شمال غربي سورية، والتي خلفت عدداً من القتلى آنذاك.
وبثت قنوات التلغرام تسجيلات صوتية لزكور، وهو يشتم قائد “هيئة تحرير الشام” “أبو محمد الجولاني”، والقيادي الثاني في الهيئة “أبو أحمد حدود”، مؤسس جهاز “الأمن العام”، وغيرهم من قيادات الصف الأول، ويكشف أن “جبهة النصرة” هي المسؤولة عن تفجير معبر أطمة عام 2016 والذي راح ضحيته العشرات من مقاتلي الجيش الحر والمدنيين.
وكشف القيادي جهاد عيسى الشيخ، فضائح عن زعيم الهيئة “أبو محمد الجولاني”، بأنه وراء تفجيرات مدينة الأتارب، وهو من استهدف حركة نور الدين الزنكي بالمفخخات، وقتل أكثر من 100 عنصر منها، إضافة لعلاقته الجيدة مع الأمريكان والبريطانيين، ويتهم البقية بالعمالة للتحالف.
إضافة لضلوع “الجولاني” باختراق كافة الفصائل أمنياً، وتنفيذ عمليات أمنية واتهام “داعش” بها، وقال إن الهيئة لديها ممارسات أفظع من تنظيم “البغدادي”.
وتوعّد “أبو أحمد زكور” خلال التسجيلات بكسر شوكة “الجولاني” في الشمال السوري، وفضح جرائمه ومحاربته إعلامياً وعسكرياً وعشائرياً، كما دعا كافة الفصائل المتعاونة مع “هيئة تحرير الشام”، بألا تمشي واراءها وتتعاون معها.
محاولات الوساطة فشلت
أفادت مصادر ميدانية أن القيادي “زكور” وصل إلى مفترق طرق بخلافاته مع “الجولاني”، بعد عدة أشهر من الأزمة التي بدأت باعتقال الهيئة للقيادي “أبو ماريا القحطاني” المقرب من زكور بتهم التعاون مع جهات خارجية.
وأشارت المصادر حينذاك إلى أن كل محاولات الوساطة الداخلية لم تفلح في رأب الصدع بين “زكور” و”الجولاني”، كما فشل الطرفان بالتوصل إلى نقاط تفاهم بعد اجتماع مطول عقداه نهاية شهر تشرين الثاني الماضي.
وتفجر الخلاف بعد أن حاول الجهاز الأمني للهيئة اعتقال شخصيات مقربة من “أبو أحمد زكور”، مع تسريب معلومات غير رسمية بأن سبب محاولة الاعتقال هي حملة جديدة ضد عملاء للتحالف الدولي، لكن زكور توجه مع المقربين منه إلى منطقة الجيش الوطني، لتجنب عمليات الاعتقال.
وقبل نحو أسبوع، دهمت “هيئة تحرير الشام” مزرعة ومقر سكن زكور في منطقة رأس الحصن بريف إدلب، إضافة إلى مقار مجموعات تتبع له في عدة مناطق أبرزها باتبو وعقربات.
وتشير مصادر إلى تخوف كبير لدى قيادة الهيئة، من فضح “زكور” ملفات كبيرة مطلع عليها بحكم قبضته القوية التي كان يتمتع بها، والملفات الحساسة التي كان يديرها ضمن الهيئة، سواء ضد المكونات العسكرية الأخرى أو فيما يتعلق بالهيمنة على كل ما هو في المحرر، ولا سيما اقتصادياً، و “زكور” سبق أن صدرت بحقه عقوبات تركية أمريكية تتعلق بـ “مكافحة الإرهاب” في أيار الماضي.
وأعلنت “هيئة تحرير الشام”، عن عزل “زكور”، وتجريده من صلاحياته، “لسوء استخدام منصبه ومخالفته السياسة العامة، بعد أيام من إعلان “زكور” انشقاقه عن “هيئة تحرير الشام”.