كثفت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها مؤخراً استخدام الطائرات المسيرة المذخرة والانتحارية في استهداف جبهات القتال والبلدات القريبة من خطوط التماس، وسط تخوفات من توسع نطاق القصف ليشمل نقاطاً في عمق المناطق الآهلة بالسكان.
وفق المرصد أبو أمين 80 فقد أسقطت فصائل الثورة منذ عدة أيام طائرة انتحارية مسيرة من طراز FPV تستخدمها مليشيات الفرقة 25 والحرس الجمهوري التابع لقوات الأسد على الجبهات و محاور القتال في إدلب.
وقال إن المسيرة تحمل المتفجرات، وهي صناعة محلية مكونة من: تي إن تي + بارود + سي فور، بوزن ٥٠٠ – ٧٠٠ غ ، ولحظة سقوطها على الهدف يكون الانفجار قوياً جداً، وتحلق على ارتفاع من ٣٠ – ٤٠ م، وتسير مسافة ٣ كم وأقل باتجاه الهدف.
ويمكن استخدامها لاستهداف السيارات والدشم وأعمال التحصين، وترافقها مسيرة ثانية لتصوير الهدف، ويمكن إسقاطها من خلال محطات التشويش التي يمتلكها الجيش التركي، ومن خلال سلاح الكلاشنكوف، مشيراً إلى أن مقاتلين في فصائل الثورة أسقطوا مسيرة انتحارية من نفس الطراز منذ أسابيع على محور الملاجة بريف إدلب الجنوبي.
الحرب الحديثة
قال خبير عسكري لوكالة سنا، إن تكلفة الطيران المسير غير كبيرة وتستخدم لمسافات قريبة وخلف خطوط العدو، وتوفر على المهاجم قوات خاصة قادرة على الدخول للمناطق، فهو يضرب ويستطلع بنفس الوقت.
وأضاف أن الطيران المسير أثبت فعاليته في حرب أوكرانيا وأذربيجان، وقضى على الدفاعات الجوية وقتل مجموعات كبيرة، ناهيك عن الدقة الكبيرة في الاستهداف، وقوات الأسد “بدأت تطور نفسها في هذا الأسلوب القتالي”، بالاعتماد على الميليشيات الإيرانية.
وأشار إلى أنه على الفصائل المقاتلة العاملة في الشمال السوري أن تطور إمكانياتها القتالية ضمن أسلوب الطيران المسير، فهو يهدد أمن قوات الأسد في عمق مناطق سيطرتها، كما في السقيلبية ومحردة وحماة وحمص، ولديه قواعد عسكرية ومقرات يعقد فيها اجتماعات.
وذكر المصدر أنه يوجد في مناطق سيطرة قوات الأسد أهداف مساحية للطيران المسير أكبر من مناطق سيطرة فصائل الثورة، فلديه مطارات ورادارات أو محطات توجيه طيران، واستهدافها يؤثر بشكل كبير على تحركاته، فتطور الفصائل في هذا الموضوع سيغير موازين الحرب الحديثة، فالأوكران أرهقوا الروس بعمليات الطيران المسير، فاستعانت روسيا بطائرات مسيرة إيرانية لتفادي هذا الأمر.
وقال الدفاع المدني السوري، إن قوات الأسد تتّبع نهجاً جديداً باستهداف المدنيين في شمالي غرب سورية، يتمثل باستخدام الطائرات المذخرة بقصف المزارعين بالدرجة الأولى.
رد اعتبار
وفي تعليقه على دخول المسيَرات، قال العقيد عبد الجبار العكيدي لوكالة سنا، إن المعركة شملت سابقاً استخدام مسيَرات من قبل قوات الأسد والميليشيات الايرانية، ولكن بغرض “الاستطلاع”، والآن بدأت قوات الأسد تستخدم المسيرات الانتحارية، وذلك للتعويض عن منع استخدام طائراته الحوامة أو الحربية، بعد منعها من التحليق في المنطقة التي فيها قواعد تركية، وهذا ناتج عن تفاهمات “أستانا وسوتشي”، والذي جاء بعد استهداف القاعدة التركية في جبل الزاوية ومقتل حوالي ثلاثين جندياً تركياً في عام 2020.
وبعد عملية درع الربيع كان الرد قاسياً من قبل تركيا، وعلى إثرها تم منع طيران الأسد سواء الحربي أو المروحي من التحليق في هذه المنطقة، مشيراً إلى أنه خلال السنتين الماضيتين، كل الاستهدافات الجوية لمنطقة إدلب وريف حلب تمت بفعل الطيران الحربي الروسي، بينما تكتفي قوات الأسد بالقصف المدفعي أو الصاروخي، في محاولة تعويض ورد اعتبار لقواتها باستخدام المسيَرات الإيرانية الانتحارية.
والطائرات المسيرة المذخرة، تُستخدم وسيلة للهجوم أو الاستهداف، إذ تحمل متفجرات عادة، ويتم توجيهها نحو الأهداف المحددة بواسطة نظام تحكم عن بُعد يسمح للمشغّل بتوجيهها والتحكم في حركتها وقصف الأهداف.
وتتميز وفق العكيدي بفاعليتها وتكلفتها القليلة، فهي أقل من تكلفة تحليق الطائرات الحربية، كما أنها سلاح فعال في الحرب الحديثة، وقادرة على تحقيق إصابات دقيقة، لكونها تُوجَه تحت أنظار العسكريين منذ انطلاقها حتى وصولها إلى الهدف، ولا يمكن اكتشافها سوى بالعين المجردة أو من خلال الصوت.
وفي إطار مسار أستانة، بدأت تركيا بتشكيل نقاط مراقبة في “منطقة خفض التوتر”، في محافظة إدلب وريفَي حماه وحلب، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، لتثبيت وقف إطلاق النار عقب إطلاق الروس حملةً عسكريةً واسعةً وسيطرتها على حلب، كما زجّت بعشرات الآلاف من الجنود والعتاد الثقيل على طول الجبهات مع قوات الأسد، والتي ساهمت في إيقاف حملة قوات الأسد العسكرية الأخيرة على المنطقة في مطلع 2020، وقد توقف فيها على أعتاب جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.