لم تمضِ ساعات قليلة على انتهاء الاجتماع الذي استضافته العاصمة الأردنية عمان لوزراء داخلية الأردن والعراق ولبنان ونظام الأسد، لبحث سُبل مواجهة المخدرات، حتى تعرضت المملكة لمحاولة تهريب شحنة جديدة.
وخلال اجتماع وزراء الداخلية، أعلنت المملكة تأسيس خلية اتصال مع نظام الأسد لتتبع شحنات المخدرات القادمة من سورية، بالتعاون مع العراق ولبنان.
وقال وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إن “الخلية فيها ضباط ارتباط لمتابعة المعلومات وتتبع الشحنات حتى وجهتها النهائية، وتعنى بتبادل الخبرات والتدريب والقدرات ومتابعة المعلومات سواء السابقة أو اللاحقة”.
وفي صباح اليوم التالي، أعلن الأردن إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة قادمة من سورية، وذلك بعد اشتباك أسفر عن مقتل 5 مهربين، وإصابة 4 آخرين.
ولم تفلح الجهود الدبلوماسية التي بدأتها المملكة الأردنية مع نظام الأسد منذ نحو عام في وقف تدفق المخدرات نحوها، وذلك على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته عمان في عودته إلى الجامعة العربية والتطبيع معه.
إصرار على تهريب المخدرات
يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل معراوي أنه يجب النظر لقضية صناعة وتهريب نظام الأسد للمخدرات بكونها سلاحاً سياسياً وإحدى أهم أدوات الضغط بالنسبة له على دول الجوار والعالم لفك العزلة عنه وإعادة تعويمه ورفع للعقوبات المفروضة عليه، وإعادة إعمار ما دمره نتيحة حربه على الشعب السوري.
وأشار معراوي في حديث لوكالة سنا إلى أن نظام الأسد لم ينجح في استعمال الأدوات الأخرى كالإفراط في استعمال العنف ضد المدنيين لإرسال موجات اللاجئين لكل دول العالم والمساهمة بزعزعة الأمن القومي لمن ناصبه العداء كدعم ميليشيات قسد التي تهدد الأمن القومي التركي ورعاية تنظيمات إرهابية أخرى في المنطقة والعالم.
وأضاف: “نظام الاسد لم يأبه لكل التقارير الغربية عن تصدير تلك السموم للعالم بل لم يخشَ صدور قانون من الدولة الأمريكية باسم قانون كبتاغون الأسد، والذي يجرّم الأسد ويضع إجراءات للحد من إخطار صناعة وتهريب المواد المخدرة في مناطق سيطرة الأسد”.
وبنفس الوقت، يضيف معراوي: “لم يبقَ من مورد مالي لتمويل ميليشياته والطغمة المافياوية العسكرية والمدنية المحيطة به إلا الموارد المتحصلة من صناعة وتهريب الكبتاغون، بعد أن خرجت كل الموارد الاقتصادية السورية من يده”.
ويؤكد معراوي أن الأسد يعتبر أن ذلك العمل هو طوق النجاة الأخير له سياسياً ومالياً وبالتالي هو إستراتيجية، وليست عمليات تهريب فقط.
ملف خارج سيطرة الأسد
يقول الدكتور باسل معراوي إن الدول العربية تعلم أن ملف المخدرات ليس بحوزة نظام الأسد وحده بل هو حلقة من تلك الحلقات، ولا يملك قرار تصنيعه وتهريبه إنما يشاركه في ذلك ميليشيات إيران و”حزب الله”.
وأردف: “لم يعد خافياً أن الميليشيات التابعة لإيران وتحت ذرائع تهريب المخدرات إنما هذا غطاء لتهريب أخطر وهو تهريب الأسلحة وقطع تصنيعها والمتفجرات إلى الاردن، وهو مخطط ايراني لإسقاط المملكة لأن طهران تعتبر أن الأردن أضعف حلقات المحور المعادي لها”.
ماذا يريد الأسد لوقف تهريب المخدرات؟
يعتقد معراوي أن ما يريده نظام الأسد لوقف تهريب المخدرات لا يستطيع الأردن دفعه، ولا يرغب أو لا يستطيع أحد من العرب أو الأمريكيين والأوروبيين دفعه.
وتوقع معراوي أن يبقى هذا التهريب مستمراً مهما فعل الأردن، معتبراً أن الاجتماعات الأخيرة ما هي إلا إدارة للأزمة ولا يتوقع أحد تعديل سلوك النظام لأنه خبروه بما فيه الكفاية.