خاص – وكالة سنا
يشهد الوسط الصناعي في محافظة حلب خلافاً حاداً بين الصناعيين ودوائر نظام الأسد الرسمية بسبب الضرائب العالية التي تفرضها الأخيرة على ما تبقى من معامل ومصانع عاملة.
الخلاف الأخير كان بين الصناعي “هشام دهمان” مع وزارة المالية ممثلةً بالوزير “كنان ياغي”، وذلك بعد إعلان دهمان إغلاق مصنعه “المخصص بصناعة المنتجات البلاستيكية” جراء فرض ضرائب كبيرة عليه، ما دفع وزير المالية للرد بالأرقام، مؤكداً أن أعمال الصناعي دهمان بلغت في أعوام 2018 و 2019 و 2020 بنحو 5.5 مليار ليرة سورية، بينما الأرقام التي قدمها للمالية لم تتجاوز 40 مليون ليرة.
دهمان لم يستسلم أو يُسلم لأرقام الوزير، إذ أكد وأصر على المظلومية التي يتعرض لها، لكن دخول “فارس الشهابي” الذي يشغل “رئاسة غرفة صناعة حلب” دائرة الخلاف أضعف موقف الأول، حيث أنه برغم تنديده لوصول الخلاف إلى التراشق الإعلامي من الجانبين، واستخدامه مصطلحات تعذلهما مجتمعين، إلا أنه كان قاسياً على الصناعي “دهمان” عبر الإيحاءات التحفيزية التي قدمها والغاية منها علناً ضرورة تقديم الضرائب التي هي واجب الصناعي وتدخل في خزينة “الدولة” وتساهم بدعمها، كما أن حق الخزينة العامة خط أحمر عريض ومقدس.
“الشهابي” ذاته كان في وقت سابق قد اتهم “حكومة دمشق” بأنها راوغت في تقديم الدعم المطلوب لمدينة حلب وإنقاذ صناعتها رغم تقديم الكثير من الحلول والتوصيات لتحقيق هذه الغاية، لكن سرعان ما تغيرت وجهة نظره بعد الإعلان عن “الحكومة” الحالية برئاسة “المهندس حسين عرنوس”.
الخلافات الأخيرة التي تطفو على سطح المشهد ليست جديدة، إنما هي تراكم سنوات طويلة ناتج عن أداء سلبي انتهجه النظام بحق جميع رؤوس الأموال بما فيهم الصناعيين بحسب ما أكد لـ “سنا” أحد رجال الأعمال في ريف دمشق، رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية.
مضيفاً بأن الدائرة المغلقة المتحكمة بالقطاع الصناعي تحاول صبغ المشكلات الشخصية في كل المشكلات العامة التي تطرأ بالوسط، بهدف تغييب المشكلة الحقيقية التي غالباً ما يكون فيها الصناعي الحلقة الأضعف، لا سيّما وأن غرف التجارة والصناعة تعمل لمصلحة دوائر نظام الأسد على حساب أعضائها التي من المفترض أن تحميهم وتعمل لتحقيق مصالحهم وتسهيلها بالانسجام مع مصالح الدوائر العامة.
وأكد محدثنا أن الفجوة بين الدوائر العامة وأصحاب رأس المال تتسع يوماً بعد الأخر وباتت نذير شؤم، مُذكراً باعتراض عدد كبير من التجار على المرسوم رقم “٨” لعام ٢٠٢١ والمسمى “قانون حماية المستهلك”، والذي جاء بقائمة عريضة فضفاضة من العقوبات، دون أن يحرك ذاك الاعتراض ساكناً لدى “الحكومة”، في حين أن عمليات تهريب المنتجات الجاهزة وإدخالها إلى سوريا عبر الحدود اللبنانية والعراقية تتم بإشراف ذات الدوائر، ما يؤكد وجود توجه عام يقضي إلى إقصاء الصناعة المحلية وتهجير صاحب رأس المال الرافض لوضع رقبته بشكل مطلق تحت مقصلة الدائرة المغلقة، وكل ذلك ينعكس سلباً على حياة الناس، ويؤثر بالضرورة في أسعار السلع والبضائع.
عوضاً عن دعم القطاع الصناعي والإنتاج المحلي وتنشيطه وحل مشكلاته العالقة بما ينعكس إيجاباً على حالة السوق، تقوم دوائر نظام الأسد بفرض حالة من الذعر في الوسط الصناعي، ما يدفع أربابه إلى التفكير ملياً قبل الدخول في أي مشروع جديد أو ترميم مشاريع سابقة، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى إنخفاض الانتاج المحلي واعتماد السوق على الاستيراد والتهريب بالدرجة الأولى.
يذكر أن خسائر القطاع الصناعي السوري بلغت ١٥٠ مليار دولار حتى مطلع العام الحالي بحسب “وزارة صناعة نظام الأسد”، كما أن الناتج المحلي انخفض من ٦٠ مليار دولار أمريكي في العام ٢٠١٠ إلى ٢٠ مليار دولار في العام ٢٠١٩.