محمد الهادي – وكالة سنا (خاص)
حقق الشاب السوري محمد حمود نجاحاً تمثل في تخرجه في جامعة كلس التركية في قسم التمريض بمرتبة الشرف، بعد رحلة طويلة من المعاناة.
وينحدر حمود من قرية بديتا في جبل الزاوية بريف إدلب وعاش في مدينة حلب وهو من مواليد عام 2000.
رحلة نزوح محفوفة بالمخاطر:
يقول حمود لوكالة سنا إن رحلة نزوحه مع عائلته كانت محفوفة بالمخاطر، إذ انشق والده عن نظام الأسد عام 2012 بعد أن كان رئيس قلم، وتعرضت لهم مجموعة من “شبيحة النظام” أثناء خروجه، نجوا منها ووصلوا إلى بلدة كللي بريف إدلب، ثم إلى تركيا، لبدؤوا مرحلة جديدة من حياتهم بعيداً عن تهديدات نظام الأسد.
ويضيف حمود أنهم وصلوا إلى مخيم الضباط في 2012 وعاشوا أوضاعاً إنسانية صعبة في المخيم، ما أجبره على النزول إلى العمل الحر وهو في سن صغيرة لتأمين قوت عائلته.
رحلة تعليمية متناقضة:
شهدت حياة حمود التعليمية عدة تناقضات ومحطات، إذ درس المرحلة الابتدائية في مدرسة سليمان الخاطر في مدينة حلب، ثم درس الصف التاسع في تركيا أثناء وجوده في مخيم الضباط، وبالكاد نجح ووصل إلى المرحلة الثانوية، بسبب عمله وعدم التفاته للدراسة.
يوضح حمود أنه لقي تشجيعاً من زملائه لإكمال المرحلة الثانوية، فسجل في الفرع الأدبي واستمر في عمله الحر لتأمين دخل له، كما تولدت عنده رغبة في التفوق الدراسي بعد رؤية أقرانه وزملائه، لينال ما أمل لاحقاً.
تحولت دراسته من الفرع الأدبي إلى الفرع العلمي في الثالث الثانوي، واستطاع أن يحقق نجاحاً مميزاً، حيث نجح بدرجة 95، وفاضل على منحة تركية لدخول الجامعة، وقبل فيها لتتاح له فرصة جديدة.
خرج حمود من المخيم وهو بعمر 17 عاماً ووصل إلى مدينة كلس، وسجل ما يعرف بــ “تومر” ونجح بالمرتبة الأولى متفوقاً على زملائه في 6 شعب دراسية في أصعب مستوى في اللغة التركية.
تفوق جامعي فريد:
يؤكد حمود أن المرحلة الجامعية كانت من أفضل مراحله التعليمية، درس في جامعة “كيليس يدي أراليك” وأثبت نفسه منذ السنة الأولى، حتى اشتهر بين زملائه السوريين والأتراك على السواء، مع أنه كان يعمل في محل لبيع القهوة لتأمين مصروفه، واستمر على نفس الوتيرة إلى أن تخرج في الجامعة بمرتبة الشرف بمعدل 3.36.
ويقول حمود: “كنت أدرس بمعدل 11 ساعة يومياً، وكان علي أن أدرس أكثر من رفاقي في السنة الأولى لأني انتقلت من الفرع الأدبي إلى العلمي، فاضطررت إلى دراسة الكتب المتعلقة بالعلمي بمفردي لأرمم ما فاتني من معلومات”.
وأضاف: “خلال فترة الدراسة بالجامعة كنت أحظى بدعم كبير من المدرسين والزملاء والأصدقاء، وأنا ممتن لهم جميعاً لما قدموه لي”.
وأكد حمود خلال حديثة لوكالة سنا أن تخرجه هذا سيكون بداية لمشوار علمي جديد في الدراسات العليا، مبيناً أن إصراره جاء من إيمانه من أن بلده المهدوم بحاجة إلى أبنائه، وأنه حامل أمانة من شعب مكلوم ينتظر جيلاً يبني سورية العظيمة يوماً ما.
حمود متوشحاً بعلم الثورة السورية:
في حفل التخرج ظهر حمود متوشحاً في علم الثورة السورية قائلاً: “رفعت علم الثورة السورية في مكان يجب أن يرفع فيه”.
وأضاف: “نجاحي هدية لشهيدنا الساروت ولحجي مارع وللشهيد ابن عمي إبراهيم، ولشهداء ومعتقلي الثورة جميعاً، كما أنه هدية لأهلي وأحبابي وزملائي”.
وأكمل: “صحيح أننا مغتربون، لكننا نعمل في خدمة بلدنا الذي سنعود إليه يوماً ما”.
يذكر أن العديد من الطلاب السوريين أبدوا نجاحات مميزة في دول اللجوء سواء في تركيا أو الدول الأوروبية، متغلبين على الصعوبات التي تعرضوا لها وضغوطات الحياة التي مروا بها.