24.7 C
Damascus
الإثنين, يونيو 17, 2024

شبكة حقوقية: لا سيادة للقانون في ظل تغول سلطة الأسد على القضاء

كشف تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم الاثنين أنَّ ما لا يقل عن 204 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي بينهم 12 طفلاً و6 سيدات، تمَّ توثيقها في أيلول 2023، مشيرةً إلى أن أكثر من نصف الحالات كانت لدى نظام الأسد وميليشيات “قسد” على خلفية الاحتجاجات في مناطق سيطرتهما.

أوضحَ التَّقرير -الذي جاء في 21 صفحة- أنَّ معظم حوادث الاعتقال تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.

ووفقاً للتقرير فإنَّ القوانين والنصوص الخاصة بالتعذيب في الدستور والقانون السوري الحالي لم توقِف أو تُخفف من وتيرة عمليات التعذيب، في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات نظام الأسد، وأشار إلى أنَّ النظام تُسيطر بشكل مركزي على مراكز الاحتجاز التابعة لها، ولذا فإنه من المستبعد أن تجري وفيات بسبب التعذيب دون علمها، وأضاف أنَّ العديد من أجهزة النظام منخرطة في التعذيب بشكل مباشر وتعتبر هي المسؤولة عن حالات الوفيات نتيجة التعذيب.

وفي سياق متصل أشار التقرير إلى أنّ القوانين التي يصدرها رأس النظام في تجريم التعذيب، والتي تعتبر التعذيب جناية تستوجب عقوبةً شديدةً لمرتكبها، أو لمن شارك فيها أو لمن حرَّض عليها أيضاً، ستبقى حبراً على ورق ولن تسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب، ما دامت بقية القوانين القمعية سارية وهي التي يقوم عليها النظام، وأهمها النصوص التي تمنح الحصانة لأفراد الأجهزة الأمنية من الملاحقة القضائية، إضافةً إلى بقاء المحاكم الجزائية الاستثنائية (الميدان العسكرية، وقضايا الإرهاب) في دمشق، وتخويل الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق مع المواطنين لمدة تتجاوز الشهرين في كثير من الأحيان، وعدم إصلاح منظمة السجون وإخضاعها للإشراف القضائي، إضافة إلى تغول السلطة التنفيذية على القضاء.

وبين التقرير أن النظام أصدر قوانين تنتهك مبادئ القانون وتخالف محددات الاعتقال والتحقيق وفق التشريعات المحلية، إذ يعتبر قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات العام، وقانون العقوبات العسكري من أبرز القوانين التي يحاكم بموجبها المعتقلون، وفي معظم الأحيان توجه المحاكم الاستثنائية التي يخضع لها المعتقلون مجموعة من التهم الرئيسة وتعممها على قضايا المعتقلين، وبذلك لا يواجه المعتقل تهمة واحدة، بل جملة من التهم، والتي لا تستند إلى أدلة أو وقائع حقيقية. وقد أكّد دستور عام 2012 أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وأن كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة، ونهى الدستور عن تفتيش أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر صادر عن القضاء المختص، والتي لم تتقيد به أجهزة الأمن نهائياً، ما يؤكد أن مبدأ سيادة القانون الدستوري بقي شكلياً بدون أي قيمة فعلية، وجرى تقويضه تماماً بفعل مؤسسات حكومية رسمية وقضاء عاجز عن الرقابة والمحاسبة، بسبب فقدان استقلاله وتغوّل السلطة التنفيذية والتشريعية عليه.

وجاء في التقرير أنَّ قوات الأسد لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي، وأكَّد على أنه لن يكون هناك أي استقرار أو أمان في ظلِّ بقاء الأجهزة الأمنية ذاتها، التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية منذ عام 2011 وما زالت مستمرة حتى الآن.

من جهةٍ أخرى سجل التقرير استمرار ميليشيات “قسد” في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، وارتفاعاً في حصيلة حالات الاحتجاز والاختفاء القسري لديها، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، كما رصد عمليات احتجاز استهدفت مدنيين بذريعة مشاركتهم في المعارك الدائرة بينها وبين قوات العشائر العربية بمحافظة دير الزور، وسجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات المناهضة لميلشيات قسد وذلك بعد قيامها برفع أسعار المحروقات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما أشار التقرير لاستمرار قيام تلك الميليشيات باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنع عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.

وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 و2043، و2139.

وأكَّد التقرير على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سورية، 85 % منهم لدى النظام والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بُدَّ منَ التَّصريح عن أماكن احتجازهم والسَّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصَّليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار