19.4 C
Damascus
الخميس, مايو 2, 2024

على خلفية تسريبات… “تحرير الشام” مستمرة باعتقال كوادرها الأمنية والعسكرية

تستمر الصراعات الداخلية وحملة الاعتقالات داخل هيئة “تحرير الشام”، بعد ظهور تسريبات تتضمن اعترافات للقيادي البارز فيها، المعتقل منذ أشهر بتهمة العمالة والتخطيط لانقلاب، “أبو ماريا القحطاني”.

عقب هذه التسريبات توسعت حملة الاعتقالات التي شنها جهاز “الأمن العام” التابع لـ”تحرير الشام” داخل مفاصل الهيئة الأمنية والعسكرية، آخرهم اعتقال الأمني في “تحرير الشام” نزار تركي العبود أبو حذيفة، والمسؤول العسكري للواء عثمان “أبو أسامة منير”، والقائد العسكري للواء الزبير “خطاب الحسكاوي”.

ماذا جاء في التسريبات؟

حسابات إعلامية مقربة من هيئة “تحرير الشام” نشرت في الأيام الماضية قالت إنها “أجزاء من محاضر التحقيق” مع القيادي العراقي في الهيئة، ميسرة الجبوري، المعروف باسم “أبو ماريا القحطاني”، بزعم أنه اعترف بالتهم المنسوبة له.

نشرت الاعترافات المتداولة أن القحطاني اعترف بتبعيته لغرفة عمليات التحالف الدولي في مدينة أربيل العراقية، برئاسة ضابط عراقي زار إدلب أكثر من مرة، والتقى بالقحطاني فيها، والتنسيق معه لاستهداف الجماعات المتشددة في المنطقة بالإضافة إلى ترتيب عملية انقلاب ضد قيادة هيئة “تحرير الشام”.

وفق هذه الحسابات، فإن الغرفة تضم ممثلين عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، وجهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية (MI6)، ووكالة المخابرات الفرنسية (DGSE)، ووكالة المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، ووكالة الاستخبارات الوطنية التركية (MIT)، إضافة إلى وجود تنسيقٍ عالٍ بين غرفة أربيل والمخابرات الروسية، عن طريق ضابط سوري مجنس روسياً.

وحسب التسريبات، أقرّ “أبو ماريا” بتجنيده لصالح التحالف منذ عام 2018، من أجل ملاحقة قادة وعناصر تنظيم “داعش”، وجماعة “حراس الدين” فرع تنظيم “القاعدة” في سورية.

إضافة إلى أن القحطاني تلقى أوامر من “غرفة عمليات أربيل” ببدء عمليات التجنيد داخل صفوف الهيئة، تمهيداً لانقلاب داخلي، بهدف السيطرة على الشمال “المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني”.

وتضيف التسريبات أن “أبو ماريا قدّم، قبل اعتقاله بفترة قصيرة، تقريراً لغرفة أربيل، يفيد بأن جهاز الأمن العام (التابع لهيئة تحرير الشام) أصبح تحت سيطرته بعد تجنيده معظم قادة الجهاز، وكذلك “حكومة الإنقاذ” (الذراع الخدمية للهيئة) التي جند بعض الوزراء والمسؤولين فيها، وأنه بدأ بالتجنيد داخل الجناح العسكري للهيئة، وأبلغهم أنه يحتاج حتى منتصف عام 2024 ليكون جاهزاً لبدء الانقلاب”.

ولم يتسنّ التحقق من صحة الاعترافات المنسوبة لـ”القحطاني”، خاصة في ظل تكتم هيئة “تحرير الشام” الشديد على مصير المعتقلين في قضية العمالة، كما أنها لم تؤكد أو تنفي صحة الاعترافات المذكورة.

المصادر اتهمت القحطاني بأن الهدف النهائي لانقلابه هو تسليم المنطقة للقوات الروسية نهاية عام 2024، بعد حملة عسكرية “بالتعاون مع عملائه داخل الهيئة وخارجها، ثم الوصول إلى مدينة إدلب ورفع أعلام النّظام على المؤسسات الحكومية”.

القحطاني مكلف من قبل الهيئة

أكّدت مصدر مطلعة أن التواصل الذي قام به القحطاني جرى بعلم قيادة الهيئة، وليس صحيحاً أن القحطاني أقدم عليه بشكل منفرد ومن دون تنسيق، كما أنه عرض على التحالف الدولي وبموافقة “الجولاني” فكرة المشاركة في أي عملية محتملة قد تنطلق من قاعدة التنف ضد الميليشيات الإيرانية، كما عرض الزج بما يُعرف بـ”القطاع الشرقي” من الهيئة في العملية المحتملة.

ناشطون ومسؤولون سابقون في “هيئة تحرير الشام” لم يستبعدوا، منذ اعتقال القحطاني في تشرين الأول 2023، أن يتم إعدامه، بينما تحدث بعضهم عن وفاته بالفعل بسبب عدم تلقيه الرعاية الصحية من قبل جهاز الأمن التابع لـ”الهيئة”.

وعلى حسابها على تلغرام علقت الدكتورة “علا الشريف” زوجة القيادي المنشق عن هيئة “تحرير الشام” والمعتقل لديها المحامي “عصام الخطيب” على التسريبات الأخيرة لاعترافات القحطاني، وجاء في التعليق “الآن عرفنا بوضوح ودون أي شك أن القحطاني وراء الدماء الطاهرة التي أريقت لقياديين سابقين”، مشيرة لعلم قيادات الهيئة بكل تحركات القحطاني السابقة وبرضاهم.

ملف العملاء

وفي شهر تموز 2023، أعلنت هيئة “تحرير الشام” رسمياً، ضبط خلية تعمل لـ”صالح جهات معادية”، وجاء الإعلان عبر المتحدث الرسمي باسم “جهاز الأمن العام” ضياء العمر، قال فيه إنهم ضبطوا خلية جاسوسية تعمل لصالح جهات معادية – لم يسمها – بعد ملاحقة استمرت 6 أشهر.

وبحسب “العمر” فإن أجهزة الاستخبارات لجأت إلى استدراج وتوريط ضعاف النفوس والتغرير بهم لجمع البيانات والمعلومات منهم خدمة لأجنداتهم الخاصة، في ظل التطور التكنولوجي السريع وانتشار الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة.

وأُوقِف “القحطاني” بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وذلك عقب إلقاء القبض على الخلية اعترفت بتورطه، إلا أن المصادر أوضحت أن التهمة المعلنة ليست هي السبب الحقيقي الذي دفع هيئة “تحرير الشام” لاعتقال “القحطاني”، إنما المخاوف من تحركاته من دون تنسيق مع قيادة الهيئة، والتي سببت قلقاً لقيادات متنفذة مثل الرجل الثاني في الهيئة “أبو أحمد حدود”، وقيادي آخر متنفذ يدعى “المغيرة بنش”.

وقالت “تحرير الشام”، في بيان رسمي إن القيادة العامة شكلت لجنة تحقيق خاصة بشأن “أبو ماريا القحطاني”، والتي استدعت الأخير على الفور “لمساءلته بكل شفافية ووضوح تقديراً منا لدرء الشبهات وإزالة اللبس”.

وتوصلت لجنة التحقيق إلى أن القحطاني “أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل”، وفقاً للبيان.

كيان وظيفي

في حديث سابق مع المحلل السياسي هشام اسكيف، قال إن ما يحدث من انشقاقات في هيئة “تحرير الشام” والخلافات بين قادتها، يأتي متزامناً مع متغيرات كبيرة على البنية الأساسية للقوى العسكرية في المناطق المحررة، وأيضاً الخارجة عن سيطرة الأسد، والتي تتزامن مع حملة جوية تركية مرضي عنها ضمنياً من قبل التحالف، والتي استهدفت قيادات الـ،”pkk” في شرق الفرات.

وهذا من الممكن أن يعطي مؤشراً مهماً وفق اسكيف، بأن ذلك قد يكون في إطار شبه تفاهمات ضمنية ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، معتبراً أن “هيئة تحرير الشام كيان وظيفي”، وأن مهمته قاربت على الانتهاء وأن حالة التصادم بين قيادته في الصف الأول لن تمر مرور الكرام وهي بداية تفككها.

وأضاف اسكيف، أن هيئة “تحرير الشام” فقدت كل وظيفتها، ويبدو أن تفكيكها بات مطلباً للجميع، مشيراً إلى أن ما حدث مع هيئة “تحرير الشام”، يأتي في إطار تفكيك هيئة “تحرير الشام”، الذي يقابله تغييرات في هيكلية القيادة في قسد.

ولا يمكن إغفال عملية تصفية شيروان حسن الملقب بـ “رولات روني”، التي تدخل في إطار التفاهمات الضمنية بين أمريكا وتركيا على حد تعبيره ، فيعتبر شيروان شخصية مهمة أمنياً، وهو الحاكم الأمني لدير الزور وهو كان يلقب بالمندوب السامي للتحالف في شرق الفرات، وتم تصفيته بعد خروجه مباشرة من اجتماع في حقل العمر، وتبنت تركيا مقتله بعد أيام، وفق ما قال هشام اسكيف.

ونبّه اسكيف إلى أنه مع كل هذه المتغيرات من الممكن أن تكون هناك قوة عسكرية مستقبلاً على مستوى شمال غرب سورية وبدون هيئة “تحرير الشام”، أو على الأقل بإعادة هيكلتها كلياً تمهيداً لتفاهمات دولية، والتي يبدو أنها بدأت تظهر علامات لها بعد حرب غزة.

وتُخضع “تحرير الشام” منطقتي إدلب وغربي حلب لسيطرتها، وحاولت أواخر العام الماضي التمدد إلى ريف حلب الشمال على حساب مناطق فصائل الجيش، وكادت أن تنجح في اقتحام ريف حلب الشمالي لولا التدخل التركي الذي أجبرها على الانسحاب من المنطقة، إلا أنها احتفظت بنفوذ لها من خلال مجموعات وفصائل متحالفة معها.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار