23.4 C
Damascus
الأحد, مايو 5, 2024

منسقو الاستجابة: سجلنا ثلاث حالة انتحار في أقل من 48 ساعة، وحبة الغاز الوسيلة الأبرز للانتحار

سجّل فريق “منسقو استجابة سوريا، ثلاث حالات انتحار لنساء وأطفال خلال أقل من 48 ساعة، في مناطق مختلفة من شمالي غربي سورية، دون تحديد المناطق التي سجل فيها الفريق تلك الحالات.

وبسبب تكرار حالات الانتحار في المنطقة، أطلقت منظمات محلية تحذيرات من تحول الانتحار إلى ظاهرة خطرة تهدد المنطقة في ظل الظروف التي تشهدها.

ونشر فريق “منسقو استجابة سوريا” تقريراً، أول أمس السبت الماضي، قال فيه إنه سجل زيادة في نسبة الانتحار بـ 120 في المئة، قياساً بعدد الحالات المسجلة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

ووفق التقرير فقد سجل 12 حالة انتحار منذ بداية العام الجاري، 8 حالات انتحار انتهت بالموت، و4 محاولات فاشلة.

وأوضح أن ظاهرة الانتحار ازدادت في شمالي غربي سورية دون أي تحرك فعلي من الجهات المحلية المسيطرة، “لإيقاف تلك الظاهرة التي أصبحت هاجساً جديداً يضاف إلى المصاعب الكبيرة التي يتعرض لها المجتمع المحلي في المنطقة”.

وطالب الفريق كل الجهات بمعالجة هذه الظاهرة من كل جوانبها، وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي، وتشكيل فرق خاصة لمكافحتها، وإطلاق حملات إعلامية لتكريس الضوء على مخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها.

حالات سابقة

أنهت فتاة متزوجة حياتها بمدينة الباب شرقي حلب، في 6 شباط الجاري، شنقاً حيث كانت تعيش منزل الزوجية، وأنهى طفل حياته (13 عاماً) يوم الجمعة الماضي، يقيم في منطقة بابسقا شمالي إدلب، إثر تناوله حبة غاز، بهدف الضغط على أهله لنقله من المدرسة التي يداوم فيها، وبحسب مقطع صوتي لوالد الطفل، فإن طفله تناول الحبة (القرص) بتحريض من زميله، الذي أخبره بأنه إذا تناول الحبة يمرض ويمكن لأهله نقله إلى المدرسة التي يريدها.

وفي 21 كانون الثاني الماضي، أنهت طفلة من بلدة تفتناز حياتها إثر تنازلها حبة غاز وإسعافها إلى المستشفى، حيث فشلت محاولات الأطباء في إنقاذها ما تسبب بوفاتها.

وتشير الإحصائيات إلى أن النسبة الأكبر من حالات الانتحار كانت عبر تناول “حبة الغاز”، حيث أصدرت “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، الأسبوع الماضي، تعميماً يقضي بوضع شروط محددة لبيع حبوب الغاز للفلاحين والأهالي، في ظل تشكيك الأهالي بمدى فعالية ذلك التعميم في الحد من الظاهرة.

ووفق إحصائية سابقة نشرها فريق “منسقو استجابة سوريا” في الأول من شهر كانون الثاني، فقد بلغ عدد حالات الانتحار خلال العام 2023 الماضي في شمالي غربي سورية، 81 حالة.

وتؤكد الإحصائية أن من بين تلك الحالات توفي 44 شخصاً، 10 أطفال، و8 نساء، و26 رجلاً، في حين فشلت 37 محاولة انتحار، بينها 21 امرأة، و8 أطفال.

ما هي حبة الغاز؟

وحبة الغاز أو “حبة الغلة” كما يطلق عليها بعضهم في المنطقة، هي أسماء متداولة لأقراص فوسفيد الألمنيوم، وتستخدم كمبيد للحشرات والقوارض، ويستخدمها التجار في شمال غربي سورية في مخازن الحبوب حفاظًاً عليهم من الحشرات، كما تستخدمها بعض العائلات لأسباب مشابهة خوفاً من تسوس المؤونة وتلفها، وتباع في الصيدليات الزراعية.

وأصدرت وزارة الزراعة والري في “حكومة الإنقاذ”، التعميم رقم “3”، في 5 من شباط الحالي، حول التعليمات التنفيذية للتعاطي مع مادة “حبة الغاز”.

وأشار التعميم الموجه لأصحاب الصيدليات الزراعية والمستودعات كافة، إلى منع بيع مادة فوسفيد الألمنيوم (حبة الغاز) منعاً باتًا لأي شخص باستثناء المزارعين.

ووفق البيان، يقتصر بيعها للمزارعين بعد الحصول على كتاب رسمي موقع ومختوم من الدوائر الزراعية، للسماح للمزارع باستخدام المادة لأغراض التعقيم والمكافحة وبإشراف الدوائر الزراعية المختصة، وذكر التعميم أن المخالفة تحت طائلة المساءلة الشرعية والقانونية بحق المخالفين.

نسبة الوفاة 100%

تتكون “حبة الغاز” وهي مبيد حشري غازي، من فوسفيد الألمنيوم وكاربامات الأمونيوم، إضافة إلى البارافين كمادة حاملة، وتستخدم في تبخير حبوب القمح والشعير والذرة الرفيعة والمستودعات وغيرها من الأغراض الأخرى.

ينطلق غاز الفوسفين السام عند تعرض الحبة للماء أو الرطوبة في الهواء الطلق، ويبدأ التفاعل الكيميائي بعد ساعتين إلى أربع ساعات.

وبحسب ما نشرت مديرية صحة إدلب، فإن نسبة الموت بحبة الغاز 100%، إلا في حالات إسعاف المصاب على الفور وتطبيق بروتوكول العلاج الخاص بهذه الحالات، وتظهر أعراض التسمم بالحبة، بالتسبب بالغثيان والإقياء وغياب عن الوعي إضافة لانخفاض شديد في ضغط الدعم، وفق المديرية.

استعمالات

يعتمد بعض أصحاب الصيدليات الزراعية في شمال غربي سورية، بيع حبوب الغاز بشكل مطحون (ناعم)، وليس على شكل أقراص وحبوب صلبة كبيرة، لتجنب شرائها لغاية الانتحار، التي انتشرت بالسنوات الماضية.

وقال المهندس الزراعي أحمد عباس لوكالة سنا، إنه يبيع حبة الغاز للأهالي الذين يطلبونها للحفاظ على المؤونة المنزلية والمزارعين، ويبلغ سعر الواحدة 2.5 ليرة تركية

وأضاف المهندس الزراعي أنه يجب الانتباه لضرورة وضع الحبة ضمن قطعة قماش أو مناديل ورقية عند استعمالها لعدم خروج رائحة الغاز منها وإيذاء الأشخاص الموجودين في المكان.

أسباب الانتحار

بحسب “منسقو استجابة سوريا”، فإن نحو 75% من حالات الانتحار تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث معدلات الفقر مرتفعة، وتشير الأدلة إلى وجود علاقة بين المتغيرات الاقتصادية والسلوك الانتحاري، كل هذا يمكن تفهمه بسبب حجم المشاكل التي يعاني منها الفقراء والآلام الناجمة عنها.

وأضاف أن أغلب الأسباب التي دعت إلى تزايد هذه الأرقام هي الآثار الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والبطالة والفقر وازدياد حالات العنف الأسري والاستخدام السيئ للتكنولوجيا، وانتشار المخدرات والتفكك الأسري بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وقال إن هذه الأوضاع تستدعي مطالبة كل الجهات بمعالجة هذه الظاهرة في كل جوانبها وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي وتشكيل فرق خاصة لمكافحة ظاهرة الانتحار وإطلاق حملات إعلامية لتكريس الضوء على مخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها.

وقال المختص النفسي في منظمة حراس الطفولة كمال صوان لوكالة سنا، إن بيئة الأزمات والنزاعات والكوارث تعتبر بيئة مشجعة لظهور اضطرابات ومشاكل نفسية وزعزعة في عافية الفرد العقلية، ومن مسبباتها “التعرض لصدمة أو الضغط العصبي، مثل فقدان شخص عزيز، أو التعرض للتنمر والإساءة، أو الصعوبات المالية، كما أن ملازمة الشخص لأحد المرضى النفسيين فترات طويلة قد يكون سبباً في إصابته بالمرض”.

من جهته، قال المختص النفسي علاء العلي لوكالة سنا، إن المسبب الرئيسي الأول هي الاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة أو ما بعد الكرب، الاكتئاب الشديد، سوء استخدام مواد مخدرة، مشاكل اقتصادية، مشاكل علاقات اجتماعية وأسرية، إضافة للأمراض المزمنة.

طرق الوقاية

وعن طرق الحد والوقاية من ظاهرة الانتحار، قال العلي، إنه من المهم وجود تشبيك بين المنظمات الإنسانية، ليتم تأمين حاجات الشخص الذي أقدم على الانتحار، سواء حاجات مادية أو نفسية أو علاقات اجتماعية، إضافة لوجود علامات تحذيرية يطلقها الشخص قبل الإقدام على إنهاء حياته، كأن يتكلم أمام أصدقائه أنه إنسان فاشل، وأن حياته انتهت، ويكون عنده عزلة مفرطة، وتغير مفاجئ على سلوكه يؤدي لإهمال ذاته، أو يكتب وصية بأنه سيقدم على الانتحار.

وأضاف العلي، أن الأهالي إذا رصدوا العلامة التحذيرية فمن الممكن مساعدته في الحد من الانتحار وتحويله لطبيب نفسي، مشيراً إلى أن المختص النفسي سيتعامل مع الشخص المضطرب ويضع له خطة أمن وسلامة، بإبعاد ومراقبة الأدوات الحادة في المنزل، لحين تلاشي الأفكار السلبية لدى هذا الشخص.

إضافة لجلسات التوعية الجماعية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو زيارة المخيمات والمؤسسات والمنشآت، لكيفية تعامل الأهالي مع الشخص الذي من الممكن أن يقدم على الانتحار، وتحويله لجلسات دعم نفسي أو علاج دوائي، أو تزويد الأهالي بالخط الساخن لمحاولة الانتحار، وتأمين الحاجات المفقودة عند هذا الشخص.

وأشار العلي إلى ضرورة ألا يهمل الأهالي أي تلميح أو سلوك يدل على أن هذا الشخص ممكن أن يقدم على الانتحار، ومن الممكن أن يُسأل الشخص بشكل مباشر إذا كان لديه ميول انتحارية، وألا يطلق الأهالي أحكام مثل”أنت شخص قليل دين، أنت تبالغ، أنت لديك ميزات غير موجودة عند غيرك”.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار