13.4 C
Damascus
الأحد, مايو 12, 2024

مع بدء موسم الزيتون، خطر الألغام والمتفجرات يلاحق المزارعين في شمالي غرب سورية

خاص – وكالة سنا

مع بدء موسم قطاف الزيتون في منطقة شمالي غرب سورية، الذي ينتظره الأهالي بفارغ الصبر، تزداد المخاطر التي تهدد حياة الناس، نتيجة انتشار الألغام والمتفجرات في الأراضي الزراعية القريبة من خطوط التماس.

ورغم وجود هذه المخاطر، إلا أن السكان مصرّين على قطاف موسمهم، لتأمين مؤونتهم الشتوية من الزيت والزيتون، وبيعه في الأسواق، نتيجة الغلاء الكبير في الأسعار وانتشار البطالة والفقر، الذي أدى لتردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.

فقد شهد سعر صفيحة زيت الزيتون ارتفاعاً ملحوظاً في 2023 شمال غربي سورية، فسعر الصفيحة بوزن 16 كيلوغراماً يتراوح بين 70 و90 دولاراً أمريكياً (كل دولار يعادل 28 ليرة تركية)، ما ساهم بتحمل الأهالي لمخاطر قطاف الزيتون واستخراج الزيت منه، من أجل تحسين وضعهم المعيشي.

وأرجع مختصون هذا الارتفاع، إلى فتح باب التصدير لخارج مناطق الشمال السوري، إضافة لارتفاع سعر الزيتون في سورية وعلى مستوى العالم.

وتعيش منطقة جبل الزاوية وقرى وبلدات سرمين، آفس، ومعارة النعسان في جنوب وشرق إدلب، إضافة لقرى كفرنوران، كفرتعال، الأبزمو وتديل في ريف حلب الغربي، حالة من الخوف وعدم الاستقرار، فقد نزح أهلها أكثر من مرة نتيجة القصف، وبسبب قرب المنطقة من خطوط التماس، تنتشر الألغام والأجسام المتفجرة على مساحات واسعة في الأراضي الزراعية، الأمر الذي سبب خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية.

الخوف يطارد المزارعين

يحاول محمود الأحمد (35 عاماً)، وهو مزارع من قرية شنان بمنطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، الانتقال باكراً في الصباح للعمل في أرضه قبل موجة القصف اليومي شبه المعتاد التي تتعرض لها منطقة جبل الزاوية.

وقال الأحمد في حديثه لوكالة سنا: “إن الخوف يطارد معظم السكان القاطنين في المنطقة، خوف من القصف، خوف من الألغام، خوف من تقلبات الجو والأسعار، وخوف من كساد المحصول وتلفه وتعرضه للأمراض”، وأكد أن “الخوف هو السمة العامة لجميع المزارعين”.

وأضاف أن خطر الألغام “يهدد المزارعين بأية لحظة”، خاصة إذا كانت أراضيهم قريبة من خطوط التماس، والتي تعد خط اشتباك وتسلل بين فصائل الثوار من جهة، وقوات الأسد والميليشيات الإيرانية المساندة له من جهة أخرى.

وفي 30 من تشرين الأول الماضي، توفيت امرأة وأصيب آخرون في قرية تديل، كانوا يعملون بقطاف الزيتون، حيث تم استهداف القرية بقذائف الهاون من قبل قوات الأسد المتواجدة في الفوج 46 وما حوله، إضافة لمقتل أحد المزارعين في بلدة دير سنبل في جبل الزاوية في 5 تشرين الثاني الحالي، نتيجة انفجار أحد مخلفات الحرب، وهي منطقة قريبة من خطوط التماس مع قوات الأسد.

فقد بات جني المحاصيل الزراعية خاصة في موسم الزيتون خطراً على الأهالي، في المناطق القريبة من خطوط التماس، في ريف حلب الغربي، أو المناطق الجنوبية لإدلب والشمالية والغربية لحماة، فالمنطقة ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي، لا زالت تشهد تصعيداً كبيراً، من قبل قوات الأسد والميليشيات المساندة له، والذي سبّب بمقتل العشرات، وإصابة المئات من المدنيين.

الموت الموقوت

قال محمد سامي المحمد، مسؤول فرق إزالة مخلفات الحرب (uxo) في الدفاع المدني السوري لوكالة سنا، إن السكان يواجهون مخاطر كبيرة في ظل استمرار حرب قوات الأسد والأثر طويل الأمد لمخلفات الحرب، وخاصة في المناطق الزراعية، وتزاد هذه المخاطر مع كل تصعيد، وخلال مواسم جني المحاصيل الزراعية.

وأوضح أن أغلب السكان في ريفي إدلب وحلب يعتمدون على الزراعة لتأمين قوت يومهم، إلا أنه وفي كل موسم يكون هناك ضحايا بسبب القصف المباشر والاستهداف من قبل قوات الأسد للمزارعين أو بسبب مخلفات الحرب، فخلال موسم الحصاد تكثّف قوات نظام الأسد قصفها على المناطق المزروعة بهدف حرق المحاصيل.

وأضاف أنه، في موسم قطاف الزيتون لهذا العام ازدادت المخاطر التي تهدد السكان بسبب حملة التصعيد الأخيرة التي شنتها قوات الأسد وروسيا على شمال غربي سورية، خلال شهر تشرين الأول، واستخدامهم أسلحة محرمة دولياً (ذخائر عنقودية وألغام فردية محملة بصواريخ غراد)، وهذه الألغام شديدة الخطورة بسبب آلية عملها وانتشارها بالأراضي الزراعية.

وأشار المحمد إلى أن ملايين المدنيين في سورية يعيشون في مناطق موبوءة بالألغام والذخائر غير المنفجرة نتيجة سنوات من قصف قوات الأسد وروسيا، وتشكل تهديداً كبيراً على حياة السكان، وموتاً موقوتاً طويل الأمد، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المدنيين والتعليم والزراعة.

وأفاد أن مخلفات الحرب تنتشر في عموم مناطق سورية التي باتت ساحة حرب لتجريب واختبار الأسلحة الروسية، فحجم الترسانة العسكرية الهائل التي تم قصف المدنيين فيها، كبير جداً وانتشرت مخلفات الحرب في المدن والقرى، وفي الأحياء السكنية، وفي الأراضي الزراعية.

وفصّل المحمد، أن فرق الدفاع المدني السوري استجابت خلال عام 2020 لأكثر من 60 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سورية، أدت لمقتل 32 شخصاً، بينهم 6 أطفال و4 نساء، وإصابة 65 آخرين، بينهم 7 أطفال و13 امرأة.

بينما انخفضت انفجارات مخلفات الحرب لنحو النصف عام 2021، حيث استجابت فرقنا لـ 32 انفجاراً، أدت لمقتل 18 شخصاً بينهم 5 أطفال، وإصابة 32 آخرين، بينهم 11 طفلاً.

وأضاف أنه منذ بداية العام الحالي 2023 حتى اليوم 5 تشرين الثاني الحالي، استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 14 انفجاراً لمخلفات الحرب في مناطق شمال غربي سورية، أدت لمقتل 4 أطفال ورجلين، وإصابة 24 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و4 نساء.

ولا يقتصر خطر القصف والهجمات العسكرية على الأثر المباشر من قتل وتدمير للبنية التحتية والمنازل، وفق ما يقول المسؤول في الدفاع المدني السوري محمد سامي المحمد، بل هناك مخاطر أخرى كبيرة، وهي إرث ثقيل يمتد لسنوات ويلاحق المدنيين، لأن آلاف من الذخائر التي تُقصف بها المدن والأراضي الزراعية لا تنفجر، وتبقى بين المنازل والأراضي الزراعية محتفظة بقدرتها على القتل.

فرق متخصصة

تقوم فرق متخصصة في الدفاع المدني السوري بالتعامل مع أنواع محددة من مخلفات الحرب، وهي أحد أخطر الخدمات وأصعبها، وتضم عدة نشاطات مختلفة، منها المسح لتحديد المناطق الملوثة وعمليات التوعية، وعمليات التخلص بشكل نهائي من الذخائر، وقامت حتى الآن بالتخلص من أكثر من 24 ألف ذخيرة متنوعة أغلبها قنابل عنقودية، بحسب ما أفاد محمد سامي المحمد.

وأضاف أنه، طوال السنوات الماضية وثّقت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري استخدام أكثر من 60 نوعاً من الذخائر المتنوعة، تم استخدامها لقتل المدنيين منها 11 نوعاً من القنابل العنقودية المحرمة دولياً، والتي لم يتوانَ نظام الأسد وحليفه الروسي عن استخدامها.

ومنذ بداية العام الحالي، وحتى نهاية شهر تشرين الأول، أتلفت فرق (uxo) في الدفاع المدني السوري أكثر 894 ذخيرة متنوعة، وخلال شهر تشرين الأول وحده 119 ذخيرة، وقدمت الفرق توعية من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب، وبلغ عدد جلسات التوعية 3735 جلسة، وعدد المستفيدين 76689 مستفيداً.

يشار إلى أن عدداً كبيراً من الأهالي القاطنين في المخيمات عادوا إلى قراهم وبلداتهم في مناطق جبل الزاوية وشرق إدلب وريف حلب الغربي، من أجل زراعة أراضيهم والعانية بها، رغم الخطر المحدق الذي يلاحقهم من قصف وانتشار الألغام والمتفجرات في أراضيهم القريبة من خطوط التماس، وذلك لتأمين معيشتهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المنطقة.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار